الخميس، 7 يونيو 2012

ذكرياتي

وطني..
فديتك بالدماء القانيات
وكتبت في تاريخ مجدك
ذكريات..
..
وغرست في قلبي لقلبك
سامق النخل الموشّم
كبرياءً لا تنكّس
في الحياة وفي الممات
..
وبنيتُ من وجدان حسّيَ
من بيوت الشعر أبياتا
وأعجازا وقافية..
وألحانا تهز الراسيات
..
وطني...
..
رحلت متيما في عمق
أيامي وتذكاري..
سبرت غياهب الذكرى
وأياما مضت..
في الخاليات
ورجعت بالتاريخ أعواما
وأزمنة..
دهورا..
لست أذكر كم رجعت
سوى بأني قد طرقت
الذكريات
..
جالت بي الذكرى
لأيام الصبا..
ما بين أشجار السفرجل
بين أصوات البلابل
منشدات
..
ما بين حبات من الليمون
تسقط هاهنا
وقطائف التين المحمّر
بين نخل سامقات
..
في ظل أشجار من النارنج
والشاموم والبالنج
بين الطيبات
..
وجداول الماء التي تنساب
مع فلج الظهيرة
في ربيع الحر والصيف المنمق
بالظلال وبالشعاع
يطل بين الوارفات
..
وعناقد العنب الهزيل
نحيلة..
في طعمها الليمون
بعد العاصرات
..
هي
لم تزل تعلو على
جدران هاتيك
 الضواحي الهانيات
..
وهناك في ظل السفرجل
أو رواسي السدر
يجلس فتية بدأو
يسفون القسائل
سفة في مثل شعر الغانيات
..
وهناك يجلس شيبة
يروي حكايات الجدود
وكيف كان العيش
في زمن الظبا والقنص...
يروي الذكريات
..
في طيف ذكراه الكثير يقوله
ويديه تسرد خوصه سردا
ليربط بين جيل الأمس واليوم
الذي نحياه كنا
في هناة
..
قد كان يعمل سرده كي ما
يخيط جراب تمر أجوف
تملاه من بعد التمور كما
تملّي صدرنا
ذكرى الليالي الخاليات
..
ويرص أطراف السفيف ببعضها
ليخيط أيام الجدود
بيومنا ذاك الذي
أحياه في يومي
كذكرى في الحياة
..
قد كان يسعى يرقع
الفجوات في ثوب
 من الأجيال مرّ
كأنه مزقا غدا بالحادثات
..
قد كان يرسل مع
نسيم الظل
أجوبة لأسئلة عفتها
أن تجيب سؤالها كل المدارس
بل وكل الجامعات
..
من حكمة الأيام
أرسل بالجواب حديثه
وبمنطق الأحداث
أبدى فكره بالمعطيات
..
ما كان يحمل لوحة
أو كان يلقي خطبة عصماء
بل ألقى على الأسماع
دفق الذكريات
الخالصات
..
خبر من الزمن القديم
وصورة ما زال يرسمها
فؤادي عبرة الماضي
لأيام الدهور الآتيات
..
يحكي عن الوجه الجديد لعهدنا
عهد الهنا
عهد التقدم والتحضر
فيه تزهو المنجزات
..
عهد نعيش به أمانا
وارف الظل الحنون
على القلوب
الحانيات
..
عهد تجلى
بالعطاء العذب
في عصر تجهم
خارج الوطن العزيز
المجريات
..
أمم تَقَاتَلُ
بالسلاح وبالكلام
تشكل التاريخ أحداثا
كأزمنة الحروب الداميات
..
في كل صبح تحمل الأخبار
أنباء المجازر والتصادم
بين أرباب السياسة
تعكس المأساة في زمن
التسابق للفتات
..
الكل يزعم أنه للعدل يسعى
يحمل الهمّ العظيم
مدافعا عن كل ذي حق
ويغرس للعدالة جذرها
رغم العداة
..
لكنني أبصرت وهجَ حقيقةٍ
غابت عن البشر السواد
عن السياسة واللغات
..
أن الحياة تسير في خط
قضاه الله قبل الخلق
في زمن الفنا
قبل الدهور الماضيات
..
وعلمت أن إلاهنا
يزن الأمور بحكمة
وعلى الخلائق أن تفكر
في العظات
..
 فحمدت ربي أنني
في موطني أحيا هنيئا
شامخ راسي
على قمم الجبال الراسيات
..
فكتبت من شعري
القصيدة تحمل الأشجان
نحوك موطن الأحرار
في زمن التخبط
والرفات
..
ورفعت كفي للسماء
تبهلا
والحمد في عمق الفؤاد
له وميض البارقات
..
ودعوت ربي
يحفظ الوطن العزيز
مكرما
ونقشت في قلبي
أمانٍ صادقات
..
يا موطني
فليحيَ تربك طاهرا
وليحيَ مجدك شامخا
وليحيَ شعبك آمنا
ويدوم عزك عاليا
بين النجوم النيرات
..
وغدا
سأروي قصة الأمجاد
في عهد الهنا
لتكون للأجيال فخر
الذكريات
...

همس الحديث

من عمق روحي إلى أرجاء مملكتي
يسري بي الشعر بين الضيق والسعة
ويستجيب لنادي الذات حين بدى
يهدي من الحس ألطافا على شفتي
من ضيق مملكتي قد سار مرتجلا
إلى سماء كياني الحر في خَفَتِ
وأطلق الروحَ فِيها كُلّ بارقةٍ
قد ضمها الرعدُ يحميها من الفِتَتِ
يا أيها الشعر هلاّ جئت مبتسما
فالروح تحيا على الآمال في جهةِ
لا تغلق الباب بعد الفجر مقتضبا
إن النجوم بذاك الأفق لم تمتِ
إن كانت الشمس بعد الفجر تحجبها
فإن للبدر معها أجمل الصفة
يا أيها الشعر ذي روحي وذا أفقي
سيان ضيقهما إن حلّ والسعة
إن شئت وصلا فقل خيرا شمائله
تحيي الموات فإن الشعر ذي هبة
وما عداه فصمت قيل من ذهب
إن عز في الناس حسن القول من ثقةِ